شهدت مدينة طنجة واقعة صادمة تهزّ أسس حرية الصحافة في المغرب، بعدما تلقّى أحد صحافيي موقع الواضح 24 تهديداً مباشراً بالتصفية الجسدية من طرف شخص مجهول، عقب نشره تحقيقاً يكشف عن عملية نهب واسعة للأتربة والأحجار بواسطة آليات ثقيلة في منطقة تابعة لجماعة حجر النحل.
ووفقاً للمعطيات التي حصل عليها الموقع، تفاجأ الصحافي باتصال هاتفي من مجهول وجّهه بعبارات نابية، قبل أن يهدده صراحة بالقتل إذا لم يسحب المقال الذي ــ بحسب المهاجم ــ “يمسّ رئيس جماعة حجر النحل”.
التسجيل الصوتي، الذي تتوفر عليه هيئة تحرير الواضح 24، يوثق تهديداً واضحاً وصريحاً، يكشف حجم الخطر الذي يواجهه الصحافيون عندما يقتربون من ملفات تُزعج شبكات المصالح والفساد. التحقيق الذي سلط الضوء على نهب الأتربة يبدو أنه أصاب مصالح “مافيا محلية” في الصميم، فكان الردّ محاولة لإسكات الحقيقة عبر الترهيب.
وأمام هذا التصعيد الخطير، أعلنت إدارة الواضح 24 عزمها اللجوء إلى القضاء، وتقديم شكاية رسمية للسلطات الأمنية من أجل فتح تحقيق عاجل يحدد هوية المتورطين ويوفّر الحماية القانونية والميدانية للصحافي المستهدف.
هذه الواقعة تأتي في سياق تتزايد فيه الأصوات المطالبة بتفعيل إعلان مبادئ مراكش لحماية الصحافيين، الذي ينصّ على أن “أي اعتداء على الصحافيين هو اعتداء على الحق في المعلومة وحرية التعبير”.
إن ما حدث في طنجة ليس حادثاً معزولاً، بل جرس إنذار جديد يذكّر بأن الصحافة الاستقصائية في المغرب لا تزال تُمارس تحت ضغط الخوف. فحين يصبح كشف الحقيقة فعلاً محفوفاً بالمخاطر، تصبح مسؤولية الدولة والمجتمع حماية الصحافي هي السبيل الوحيد لحماية الحقيقة نفسها.

