في طنجة، المدينة التي لا تنام على وعدٍ إلا لتستيقظ على خيبة، يعيش سكان حي مغوغة الصغيرة على وقع احتقان جديد بسبب ما أسموه التلاعب في ملف النقل العمومي.
القصة بدأت عندما خرجت ساكنة حي الأربعين بمغوغة الصغيرة في احتجاجات متكررة للمطالبة بفك العزلة، بعد أن ملّوا الانتظار الطويل ووعود المسؤولين التي لا تتجاوز الحبر على الورق، ومع تصاعد غضبهم، تلقت الساكنة بحي الاربعين وعودًا واضحة بتخصيص حافلتين كبيرتين لفك العزلة عن الحي.
وبعد ايام، جُربت حافلة في الحي فعلًا، وعمّت الفرحة أرجاء الحي، وخرجت الساكنة تشكر وتصفق، ظنًّا منهم أن صفحة الإهمال قد طُويت. لكن، وكما يقول المثل: “ما أسرع ما عادت حليمة إلى عادتها القديمة.”
فما هي إلا ساعات حتى عادت الطرامبية إلى مكانها، لتتبخر الوعود مجددًا، وتشتعل الاحتجاجات من جديد.
حينها، دخل على الخط رئيس مؤسسة البوغاز، منير الليموري المفوَّض لها تدبير النقل العمومي ويمثل ايضا عمدة طنجة الذي حلّ بالحي محاطًا بمستشارين، وكأنه المنقذ الذي سيُعيد التوازن المفقود والذي سيضع الخلاص لساكنة الحي وسيبقى اسمه مطبوعا في ذاكرة كل من ركب الحافلة لكن صورته تلك لم تُقنع أحدًا، خصوصًا بعدما حضر من دون رئيس مقاطعة مغوغة عبدالعزيز بن عزوز الذي كان حاضرا في كل مراحل الاحتجاج محاولا التخفيف من شرارته ومستمعا لمشاكل الساكنة ومتصلا بالشركة ومؤسسة البوغاز رغم غياب الاختصاص، في خطوة تغيبية من العمدة فسّرها كثيرون على أنها محاولة لكسب نقاط سياسية وضربٍ لرفاقه في الحزب قبل خصومه.
غير أن دور “السوبرمان المنقد” كما وصفه البعض الذي حاول رئيس المؤسسة أداءه، لم يُنتج إلا مزيدًا من الفوضى، إذ تم سحب حافلتين صغيرتين من أحياء مجاورة لتقديمهما لحي الأربعين، لكن المشكل لم يتوقف هنا حيث اعتبر سكان مغوغة الصغيرة ذلك ظلمًا صارخًا وغيابًا للعدالة المجالية بعد سحب الحافلتين منهم. فخرجوا بدورهم إلى الشارع احتجاجًا، منتقدين العمدة ومؤسسته، بل وحتى سكان الحي المستفيد مؤقتًا من الحافلات، متسائلين:
“أيعقل أن يُحرَم حيٌّ ليُرضى آخر؟ وهل نحن في مدينة تُدار بالعدالة المجالية أم بالمزاج ام بالنقاط ااسياسية … لكن الاكثر من ذلك خلقت الفوضى بين الشاكنة فبينما كانت اربع حافلات تنتقل الى نغوغة الصغيرة دون حومة الاربعين اصبحت الحافلات مشتتة بدون نظام محدد تنيتقل من هنا الى هنالك ولا شيى يتردد بين مسانع الشاكنة سوى ما خلفه العمدة من توتر بين احياء مغوغة الصغيرة
ويبدو انه تحوّل ملف النقل العمومي بطنجة إلى كرة لهب تتقاذفها المصالح الحزبية والحسابات السياسية، وبدل أن يكون “المنقذ” جزءًا من الحل، أصبح وقودًا جديدًا للتوتر بين الأحياء.
في النهاية، تبقى طنجة أمام مشهد مكرر: عمدة يوزّع الوعود، مؤسسة بلا رؤية، وساكنة تُصفّق ليومٍ وتحتج في اليوم التالي. أما النقل العمومي، فبين الأحياء يتنقّل… وبين السياسيين يضيع.

