في خطوة لافتة وصفت بأنها رسالة غير مباشرة ولكن صريحة، أعلن المجلس العلمي الأعلى التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن قيمة زكاة الفطر نقدا للعام 1446 هـ / 2025 م حددت في 23 درهما للفرد الواحد.
وفي هذا السياق نجد أن قيمة زكاة الفطر في المغرب شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة، حيث انتقلت من 15 درهما للفرد سنة 2021 إلى 23 درهما سنة 2025، بزيادة تقارب 53%، ويعكس هذا الارتفاع تأثر الحد الأدنى لقيمة الزكاة بموجة الغلاء التي طالت العديد من المواد الأساسية، مما يعكس تغيرات اقتصادية واضحة في البلاد.
وتزامن هذا الفارق، الذي يعادل ارتفاعا بنسبة تفوق 53% خلال أربع سنوات، مع ولاية حكومة عزيز أخنوش، التي شهدت موجة من الزيادات في الأسعار، كان أبرزها ارتفاع أسعار الأضاحي، مادفع إلى قرار الملك محمد السادس السامي بإلغاء شعيرة الأضحية، وهو ما أعاد إلى الواجهة تساؤلات ملحة حول حقيقة الأوضاع الاقتصادية وأسباب تفاقم غلاء المعيشة.
ويجدر الذكر أن حكومة عزيز أخنوش، منذ تشكيلها في أكتوبر 2021، واجهت سلسلة من التحديات الاقتصادية والاجتماعية، في ظل أزمات هيكلية عمقت مشاعر الإحباط لدى المواطنين، وظلت قضايا رئيسية، مثل الغلاء، البطالة، الصحة، والتعليم، دون حلول ناجعة، مما عزز الدعوات إلى تعديل حكومي يعيد الثقة ويصوب المسار.
وفي سياق متصل، أوضح المجلس في بلاغه أن “الأصل في زكاة الفطر أن تخرج من غالب قوت أهل البلد، بما يعادل 2.5 كلغ من الحبوب أو الدقيق، ويجوز إخراجها نقدا بقيمة 23 درهما”.
ورغم الطابع الشرعي للبلاغ، فإن الإشارة إلى القيمة المالية للزكاة حملت دلالة اقتصادية صريحة، عكست الارتفاع الملموس في كلفة المعيشة خلال السنوات الأخيرة.
ورغم تأكيدات حكومة أخنوش باستمرار دعم المواد الأساسية من خلال ضخ 16.5 مليار درهم في صندوق المقاصة، إلا أن ارتفاع مبلغ الزكاة، أظهر الفجوة القائمة بين الخطاب الرسمي وواقع الأسر المغربية، خاصة في ظل تقارير صادرة عن المندوبية السامية للتخطيط ومجلس المنافسة تؤكد استمرار التضخم وتآكل القدرة الشرائية.
ويرى عدد من المراقبين أن وزارة الأوقاف، رغم تحفظها السياسي، كشفت ضمنيا عن فشل السياسات الحكومية في احتواء الأسعار، مؤكدين أن مبلغ الزكاة يستند إلى تقييم ميداني واقعي لأسعار الحبوب والمواد الغذائية الأساسية، التي عرفت زيادات متتالية.
ويأتي هذا التطور في سياق اقتصادي دقيق، تميز بارتفاع أسعار اللحوم والخضر والمواد الأساسية، رغم التدابير الحكومية والمراقبة المفترضة للأسواق.
وذهب بعض النشطاء إلى القول إن “المؤسسة الدينية قدمت تقريرا اقتصاديا أكثر واقعية من كل التصريحات الحكومية”، مشددين على أن “زكاة الفطر أصبحت مرآة حقيقية تقيس بها الأسر المغربية مستوى التضخم بعيدا عن لغة الأرقام والسياسة.”
ورغم التطمينات المتكررة التي تصدر عن الحكومة بشأن حماية القدرة الشرائية، جاء قرار المجلس العلمي الأعلى بتحديد زكاة الفطر في 23 درهما سنة 2025 ليبرز بوضوح ملامح تضخم مستمر، يعيشه المواطن المغربي في صمت منذ سنوات.
ومقارنة بمبلغ 15 درهما سنة 2021، يترجم هذا الارتفاع بنسبة 53% في أربع سنوات، ويعكس تحولا في كلفة المعيشة الأساسية لا يمكن تجاهله، خصوصا عندما تصدر الإشارة من مؤسسة دينية رسمية تُراعي واقع الأسعار وليس السياسة.
وفي هذا الصدد، فإن الجدير بالذكر أيضا، أن حكومة أخنوش سجلت في عهدها البطالة مستويات مقلقة، خاصة بين الشباب والخريجين الجدد، حيث تجاوزت النسبة 30% في بعض الفئات.
ويعكس هذا الفشل في خلق فرص عمل غياب رؤية حكومية واضحة لتحفيز الاقتصاد وإدماج الشباب في سوق الشغل.
فيما أظهرت التقارير أن ما يقرب من 17 ألف مقاولة أغلقت أبوابها خلال العام الماضي، بسبب الأعباء الضريبية الثقيلة وارتفاع تكاليف التشغيل، في ظل غياب دعم حكومي فعال لتحفيز الاستثمار وإنقاذ المقاولات المتعثرة