حظي الخطاب الملكي السامي الذي ألقاه الملك محمد السادس، اليوم الجمعة أمام البرلمان بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الخامسة من الولاية الحالية، باهتمام واسع من قبل الفاعلين السياسيين والمحللين، لما تضمنه من رسائل قوية موجهة إلى الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية والإعلام، من أجل تسريع وتيرة الإصلاحات، وتنزيل الأوراش التنموية الكبرى، وتعزيز تأطير المواطنين، خصوصا الشباب.
وفي هذا السياق، أكد الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة محمد بودن، أن الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية الحادية عشرة، يحمل رسالة أمل وتفاؤل مقرونة بحتمية العمل والالتزام وثقافة النتائج من أجل تحقيق التحولات الكبرى، بالنظر لعدم إمكانية سلك طريق مختصرة أو مرحلية في ميدان التنمية، موضحا أن المواطن يمثل النواة الصلبة لرهانات المغرب الصاعد التي عبر عنها الخطاب الملكي.
وأضاف الخبير أن الملك محمد السادس يراهن على تحسين مستوى التنمية المحلية باعتباره المرآة الصادقة لمدى تقدم المغرب وبالتالي فالأطراف المتدخلة المعنية بهذا الرهان عليها أن تثبت قدرتها على تحقيق الأهداف وقدرتها على توليد الفرص وضمان شبكة آمان للمواطنين.
كما أكد أن هذه المقاربة تعكس إرادة ملكية في جعل التنمية ذات وجه عادل ومضمون اجتماعي يحقق العدالة المجالية والاجتماعية ويلبي متطلبات المعادلة القائمة على الإنسان والمكان وزمن التنمية لأن مفتاح بناء الثقة هو تحقيق النتائج.
وفي سياق متصل، أوضح المحلل السياسي بودن، أن الخطاب الملكي يختزن طموحا لتحقيق إصلاحات لا رجعة فيها تحدث القيمة المضافة في حياة كل أسرة ومواطن بما يعزز كرامة الإنسان لا سيما عبر توفير فرص الشغل للشباب وتطوير التعليم والصحة وتشجيع المبادرات المحلية والأنشطة الاقتصادية بما يخلق زخما متجددا قادرا على الاستجابة للمتطلبات الراهنة.
وأردف بودن، أن الخطاب الملكي يعكس قناعة بإمكانية المضي قدما نحو تحقيق الأهداف المنشودة وضمان الاستدامة لكن جلالته يضع شروطا لتحقيق هذه الأهداف أبرزها تجنب تضييع الوقت والجهد والإمكانات.
كما اعتبر أن هذه القيم هي شروط الإقلاع التنموي، وينبغي غرسها في قلوب وعقول الشباب والأجيال الصاعدة باعتبارهم الركيزة الأساسية لمستقبل الوطن.
وتابع الخبير في الشؤون الدولية المعاصرة قائلا: “إن التنمية الترابية تمثل مسألة ذات أولوية في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان حيث قدم الملك محمد السادس رؤية استشرافية بخصوص الساحل بالنظر لأدواره الاقتصادية والإيكولوجية والسياحية واللوجستية.
وأشار إلى أن هذا المجال يهم 09 جهات ساحلية و42 عمالة وإقليم ساحلي، فضلا عن التحديات التي تطرح اليوم على الساحل وضرورة تثمينه وحمايته، مما يفرض ضرورة اعتماد رؤية مندمجة حول الساحل وملائمة قانون الساحل 12-81 مع مختلف وثائق التعمير والسياسات القطاعية الحكومية كما هو معمول به في التجارب الدولية.
وقال بودن إن العناية الملكية لا تقتصر على السواحل فقط، بل تمتد إلى المناطق الجبلية والواحات والمراكز القروية، في تفاعل مباشر مع نبضها وتطلعاتها نحو التنمية، وبالتالي فالأمر يتعلق بإصرار ملكي على تزويد هذه المناطق بالإمكانيات الضرورية لاستثمار مؤهلاتها الكثيرة وإبراز خصوصياتها المتنوعة”.
وشدد على أن المغرب بقيادة الملك محمد السادس، يختار طريق البناء والانجاز المشترك وتحقيق التراكم الإيجابي ويضع المسؤولية على عاتق مختلف الفاعلين ويوقد شعلة المسؤولية والعمل الجاد لبناء مغرب جديد.
ومن جانبه سجل الباحث والمحلل السياسي محمد شقير، أن من أهم النقاط التي تضمنها الخطاب الملكي هو دعوته كل مكونات المشهد السياسي من برلمان وحكومة إلى تسريع جهودها من أجل تنزيل الاوراش المفتوحة خصوصا في السنة الأخيرة من الولاية التشريعية.
وأوضح شقير أن الدعوة الملكية لتسريع العمل الحكومي والبرلماني تعد جوابا على كل المطالب التي رفعت بشأن إقالة الحكومة حيث إن الحديث على ضرورة تسريع وتيرة عملها يبين التأكيد على مواصلة الحكومة لعملها.
وأبرز المحلل السياسي شقير، أن الخطاب الملكي وجه رسائل واضحة على ضرورة قيام كل الفعاليات من أحزاب وإعلام بضرورة العمل على تأطير المواطنين في إشارة ملكية منتقبة إلى أن نزول الشباب في تظاهرات احتجاجية يعكس ضعف القدرات التأشيرة لهذه الفعاليات التي عليها أن تتحمل مسؤولية هذا التأخير وتحسين آلياتها في استقطاب الشباب وتاطيرهم.
وأضاف شقير أن الملك محمد السادس أحال في خطابه على مضامين خطاب العرش الأخير، الذي دعا فيه الحكومة للقيام بتنزيل ما جاء فيه بشأن تنفيذ الجيل الجديد من الأوراش التي تهم خلق فرص الشغل للشباب وإنجاز مشاريع التنمية المحلية خاصة بالنسبة لساكنة المناطق النائية.
وخلص الباحث والمحلل السياسي محمد شقير، إلى أن الملك محمد السادس وسع في خطابه دائرة الاهتمام بالتنمية المحلية لتشمل سكان الجبال، الذين يمثلون 30 في المائة من ساكنة المغرب، مؤكداً أن إدماج هذه الفئة في النسيج الاقتصادي الوطني واستفادتها من الثروة الوطنية يشكل خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية.