في خطوة تكشف عن ازدواجية المعايير والمواقف المتناقضة، أعلن مجلس الأمة الجزائري، أمس الأربعاء 26 فبراير الجاري، عن التعليق الفوري لعلاقاته مع مجلس الشيوخ الفرنسي، وذلك بسبب الزيارة التي قام بها رئيس هذا المجلس إلى مدينة العيون المغربية.
وبرر مجلس الأمة قراره بمزاعم باطلة، واصفا الزيارة بأنها دعم لكيان غير شرعي، في إشارة إلى ما تسميه الجزائر بـ”الجمهورية الصحراوية”، وهو كيان لا يحظى بأي اعتراف دولي واسع، ويظل مجرد أداة سياسية في يد النظام الجزائري لاستهداف وحدة المغرب الترابية.
خطاب عدائي واستفزاز متكرر
وجاء في بيان مجلس الأمة الجزائري، برئاسة صالح قوجيل، هجوم مباشر على فرنسا، حيث وصف الزيارة بأنها “تحد سافر وانحياز فاضح”، بل وذهب إلى أبعد من ذلك باعتبارها “تناغما مع السياسات الاستعمارية”، في تناقض واضح مع الواقع، حيث أن المغرب يمارس سيادته الكاملة على أقاليمه الجنوبية، بموجب القانون الدولي واعتراف العديد من الدول الكبرى بمغربية الصحراء.
ورغم أن فرنسا لم تغير موقفها الرسمي من القضية، فإن الجزائر اعتبرت الزيارة “تصعيدا خطيرا يعكس هيمنة اليمين المتطرف الفرنسي على القرار السياسي”، وهي اتهامات لا أساس لها، تعكس فقط حالة التخبط السياسي الذي يعيشه النظام الجزائري في مواجهة النجاحات الدبلوماسية المغربية، خاصة بعد الاعترافات الدولية المتزايدة بمغربية الصحراء، والدعم المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب كحل نهائي للنزاع المفتعل.
سياسة الهروب إلى الأمام
وفي ظل هذا الخطاب التصعيدي، يحاول النظام الجزائري التغطية على مشاكله الداخلية وأزماته السياسية والاقتصادية من خلال افتعال الأزمات الخارجية، متجاهلا الدعم الدولي المتزايد لمقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي حظي بتأييد واسع من القوى الكبرى، مثل الولايات المتحدة وإسبانيا وألمانيا وغيرها.
فرنسا بين المواقف المتناقضة والضغوط الجزائرية
من الواضح أن النظام الجزائري يسعى إلى ممارسة ضغوط سياسية على فرنسا، في محاولة لانتزاع مواقف تتماشى مع أطروحاته القديمة التي أصبحت متجاوزة على الصعيد الدولي، غير أن الحقائق على الأرض تؤكد أن الصحراء مغربية، وستظل مغربية، كما يعكسه الوجود الفعلي للمؤسسات المغربية في الأقاليم الجنوبية، والاستثمارات الضخمة التي تشهدها المنطقة في إطار النموذج التنموي الجديد الذي أطلقه المغرب تحت قيادة الملك محمد السادس.
ويعد تعليق الجزائر لعلاقاتها مع مجلس الشيوخ الفرنسي بسبب زيارة العيون، يعكس فقط حالة الارتباك السياسي والديبلوماسي التي يعيشها النظام الجزائري، في ظل نجاح المغرب في كسب تأييد متزايد لقضية وحدته الترابية.
وبينما يواصل المغرب تعزيز شراكاته الاقتصادية والدبلوماسية، والانفتاح على العالم، يستمر النظام الجزائري في تبني سياسات عدائية أثبتت فشلها على مدار العقود الماضية.