في الوقت الذي تستعد فيه المملكة المغربية لاحتضان كأس أمم إفريقيا 2025، وتسابق فيه المدن الزمن لتحسين البنيات التحتية وتجميل الواجهات، تخرج طنجة عن النص.
وسط هذه التحضيرات، فوجئ سكان وأصحاب محلات بإقامة “إيريس بلاج” قبالة ماكدونالد البلايا ببناء زجاجي عملاق، شيد في غفلة من الزمن، واحتل الأجزاء المشتركة من العقار بدون سابق إنذار، بحيث أن “براكة زجاجية” حجبت الضوء، وأغلقت المنظر، وشوّطهت الواجهة البحرية التي يفترض أن تكون بطاقة تعريف طنجة أمام الكاميرات والإعلام القاري.
والأدهى من هذا، أن العملية تمت بينما تشرف الدائرة الحضرية لطنجة المدينة على إزالة أبسط لافتة إشهارية لعدم وجود الترخيص! أما هنا، فالترخيص الوحيد الظاهر هو “رخصة إصلاح” حصل عليها المعني من مقاطعة مغوغة ويطرح حولها تساؤلات عدة، فكيف تعطى رخصة إصلاح في ملكية مشتركة دون الرجوع للملاك، رغم ذلك ما شُيّد لا يشبه الإصلاح لا من قريب ولا من بعيد، بل هو مشروع مكتمل الأركان، أنجز فوق مساحة ملكية مشتركة حسب اقوال الجيران وتصاميم ووثائق التهيئة والعقار.
في وقت أصبح فيه المتر المربع في شاطئ طنجة من أغلى المساحات بالمغرب، وأصبح الحلم العقاري لا يراود إلا كبار المستثمرين، يظهر من يُحول رخصة إصلاح إلى بناء زجاجي مهيب، دون أن يظهر له أثر في تصميم أو بلان التصميم الهندسي المستخرج من المحافظة. ومع كل هذا، ما زال المنتخبون يوقعون الرخص، وما زالت البيروقراطية تُسهل الطريق للبعض دون الآخرين.
وحيث تحولت “البراكة” إلى حديث يومي في المقاهي المجاورة. الجميع يسأل: من سمح؟ من صادق؟ من تجاهل؟ هل هي أخطاء إدارية؟ أم محبوكة؟ الأسئلة كثيرة، والإجابات غائبة، لكن المؤكد أن الزمن يمضي، والكان يقترب.
بينما المواطن البسيط بالكاد يسمح له بتوسيع نافذة، بينما تقام هنا مشاريع كاملة دون حسيب أو رقيب. كل هذا يحدث على بعد أشهر قليلة من الموعد الإفريقي و ينتظر أن يظهر المغرب كبلد منظم ومحترم للقانون والجمال العمراني. فهل هذه الصورة فعلاً تمثل ما نريد تقديمه لضيوفنا من القارة.
اليوم عدد من السكان لجؤوا إلى القضاء لطلب الإنصاف، بعد أن تحول حلم الإقامة قرب البحر إلى كابوس من الزجاج والألمنيوم.
الأمر لم يعد يخص جيرانا غاضبين فقط، بل أصبح يمس صورة مدينة بأكملها، طنجة التي يفترض أن تكون في أبهى حلتها لاستقبال حدث رياضي قاري، يحضره متربصون من دولة جارة، يحولون المنجزات إلى فضائح، فما بالك بأن نعطيهم براكة في البلايا، فهل تجد طنجة نفسها في قلب فضيحة عمرانية تسائل طريقة تدبير التراخيص والرقابة،.
الآن وبينما تتزين طنجة استعدادا لأعين القارة الإفريقية، تبقى “البراكة الزجاجية” شاهدة على خلل كبير. فهل ستكون مجرد فقاعة إعلامية عابرة؟ أم نقطة تحول حقيقية في كيفية تدبير ملف البناء والعمران؟