تتصاعد المخاوف في مدينة طنجة من تكرار حوادث الوفاة المرتبطة بعمليات التجميل، خاصة تلك المتعلقة بشفط الدهون وشد الجسم، وسط تساؤلات متزايدة حول مدى توفر شروط السلامة داخل عدد من المصحات الخاصة، ومدى كفاءة الأطقم الطبية المشرفة على هذه العمليات.
في السنوات الأخيرة، سُجلت حالات متعددة لنساء فقدن حياتهن مباشرة بعد الخضوع لتدخلات تجميلية في مصحات معروفة بالمدينة، بعضهن توفين بعد ساعات قليلة فقط من العملية، رغم التأكيد المسبق على استيفاء جميع الفحوصات والتحاليل الطبية المطلوبة.
وهذه الوقائع، التي أصبحت تتكرر بوتيرة مقلقة، باتت تثير جدلًا واسعًا بين ساكنة المدينة، خصوصًا في صفوف النساء اللواتي يتابعن باهتمام ما يُتداول حول هذه الحالات، ويطرحن أسئلة مشروعة: هل تخضع المصحات للمراقبة الكافية؟ وهل يتم تقييم مهارة الأطباء وكفاءة التجهيزات بشكل دوري؟
وأكدت مصادر طبية أن الإقبال على عمليات التجميل، وعلى رأسها شفط الدهون، يعرف ارتفاعًا غير مسبوق، مدفوعًا بالتأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي، وحملات الإشهار التي تُقدّم هذه العمليات كحل سحري للحصول على “جسم مثالي”. غير أن الواقع يُظهر أن بعض المصحات تُجري هذه العمليات دون مراعاة حقيقية لمعايير السلامة أو الاستعداد الكامل لمواجهة أي مضاعفات خطيرة.
ما هو “الموت الرحيم”؟
الموت الرحيم هو مصطلح يُطلق على إجراء طبي يتم فيه إنهاء حياة مريض يعاني من مرض عضال لا يُرجى شفاؤه، ويتم ذلك في بعض البلدان بناءً على طلب المريض نفسه وبشروط قانونية صارمة، من أجل تخليصه من الألم والمعاناة. ورغم الجدل الأخلاقي والقانوني الذي يحيط بهذا المفهوم، إلا أنه يختلف جذريًا عن ما يحدث في بعض عمليات التجميل، حيث تكون الوفاة نتيجة مضاعفات أو أخطاء طبية، دون أن يكون ذلك اختيارًا واعيًا من المريض.
إجراءات عمليات التجميل وشفط الدهون
قبل الخضوع لأي عملية تجميل، خصوصًا شفط الدهون، يتم عادة توقيع المريض أو المريضة على “ورقة موافقة” تتضمن شرحًا للمخاطر المحتملة مثل النزيف، الالتهابات، أو حتى الوفاة. كما يُفترض أن تُجرى فحوصات شاملة للتأكد من جاهزية الجسم للعملية. لكن بعض التقارير تشير إلى أن هذه الإجراءات لا تُنفّذ دائمًا بنفس الصرامة، وقد تتحول ورقة الموافقة إلى وسيلة لإعفاء المصحة والطبيب من المسؤولية في حالة حدوث مضاعفات، حتى لو كانت ناتجة عن إهمال أو ضعف في الإمكانيات.
وفي ظل هذا الوضع، يطالب عدد من الفاعلين في المجتمع المدني ونقابات الصحة بضرورة التدخل العاجل لإعادة تنظيم هذا القطاع، من خلال فرض رقابة صارمة على المصحات، والتأكد من أهلية الطواقم الطبية التي تمارس جراحة التجميل، مع اعتماد نظام شفاف لتوثيق وتتبع الحوادث الطبية ومحاسبة الجهات المسؤولة.
ويبقى السؤال مطروحًا بقوة في الشارع الطنجاوي: هل أصبحت بعض عمليات التجميل، بدل أن تكون طريقًا نحو الجمال والثقة، بوابة غير معلنة نحو الموت الرحيم؟