أطلق المستشار الجماعي محمد سعيد بوحاجة صرخة مدوية عبر حسابه على فيسبوك، تحت عنوان “طنجة عروسة الشمال.. ماذا يقع وإلى أين؟“، معربا عن قلقه العميق إزاء جملة من الظواهر المقلقة التي باتت تطبع الحياة اليومية في المدينة.
وجاءت هذه التدوينة بعد أيام من تفعيل الإشارات الضوئية الجديدة وتغيير عدد من علامات التشوير في مدارات رئيسية، وهو ما تسبب في ارتباك كبير لدى السائقين، وتحولت هذه الإشارات إلى عامل ضغط إضافي على السير والجولان، بسبب غياب تهيئة متوازية، إلى جانب كثرة الحفر التي خلفتها التساقطات الأخيرة.
وفي هذا السياق، قالت المستشارة سمية العشيري، المكلفة بالسير والجولان، في تصريحها لموقع “طنجة بوست” إن الجماعة بصدد دراسة فعالية هذه العلامات الجديدة، بهدف تحديثها أو تطويرها.
وأشار المستشار في تدوينته، إلى ما اعتبره “شبه غياب للأمن في التدخلات رغم كثرته”، رغم علمه بالتأثير الكبير الذي خلفته التغييرات الأخيرة في التشوير الطرقي، إلى جانب تدهور حالة الطرقات، وما تسببت فيه من أعطاب لسيارات الإسعاف وعناصر الشرطة، نتيجة كثرة التدخلات عقب سقوط دراجات نارية في الحفر، أو وقوع حوادث بسبب رداءة الطرق، أو تنظيم حركة السير في المدارات التي أربكتها العشوائية في الاشارات، مما أصبح يتطلب عددا أكبر وعناصر أكثر.
ويشار إلى أن الصراع السياسي داخل المدينة خرج عن السيطرة، إذ أصبح البعض يتجنب توجيه النقد لرئيس المجلس الجماعي بعد الحديث عن رغبته في الاستوزار بالحكومة المقبلة، في حين يسعى البعض الآخر إلى كسب ودّه، مما جعل السهام تُرمى أحيانا نحو الأمن، وأحياناً نحو قطاع الصحة، بل وحتى تجاه الجميع، وكأن الرسالة: “الكل سيئ… إلا أنا“.
وقد فتحت تدوينة بوحاجة الباب أمام تساؤلات حول العلاقة بين الحضور الأمني الميداني وفعاليته، حيث إن كثرة تدخلات الأجهزة الأمنية تعكس جهوداً يومية حثيثة، غير أن وصف “الغياب” الذي ورد في التدوينة بقي غامضاً وغير مفسَّر بدقة.
وفي جانب آخر، تحدث بوحاجة عن “حوادث السير القاتلة” التي تشهدها شوارع المدينة، وهو توصيف يعكس فعلاً واقعاً مقلقاً، إذ أصبحت طنجة تعرف حوادث مرورية شبه يومية. إلا أن الغريب في الأمر أن المجلس الذي يدافع فيه بوحاجة داخل الجلسات، هو نفسه من صوّت ومرّر منظومة السير التي ينتقدها اليوم، مما يعكس تناقضاً يثير التساؤلات، ويدعو إلى إعادة النظر في هذه المنظومة بالتنسيق مع كافة المتدخلين لإيجاد حلول واقعية.
والجدير بالذكر أنه من غير المعقول أن تنجح مدينة كالقنيطرة سنة 2019 في اعتماد إشارات مرورية واضحة وجمالية وعملية دون خلق ارتباك، بينما تفشل مدينة بحجم طنجة في ذلك رغم الإمكانيات.
كما أشار المستشار إلى “التسيب في الشوارع” و”حرب الدراجات النارية”، ملامساً جانباً آخر من الفوضى الحضرية، التي تتفاقم في ظل غياب بدائل حقيقية للتنقل، وضعف التوعية، مما يُحيل مجدداً إلى مسؤوليات ليست أمنية فقط، بل أيضاً تنظيمية وتدبيرية، تقع ضمن اختصاص المجلس الجماعي.
وفي هذا السياق، يُستحضر نموذج مدينة مراكش، التي وضعت علامات تشوير خاصة بالدراجات النارية ومسارات مخصصة لها، مما ساعد الأجهزة الأمنية على التدخل والضبط.
في المقابل، ظلت جماعة طنجة تتعامل مع الوضع كما وجدته، وزادته ارتباكاً بقرارات متسرعة.
وفي الوقت الذي تتكرر فيه هذه الظواهر، يظل النقاش قائماً حول مدى قدرة الجماعة على مواكبة التحولات التي تعرفها المدينة، وتوفير بيئة مناسبة تساعد مختلف المصالح، بما فيها الأمنية، على أداء مهامها بفعالية، بعيداً عن منطق الاتهامات المتبادلة أو تملّص كل جهة من مسؤولياتها.