رحب المغاربة على مستوى شرائح واسعة من المواطنين، بقرار الملك محمد السادس الأخير القاضي بإلغاء نحر أضاحي عيد الأضحى لسنة 2025، حيث وجدو أن هذا القرار، خطوة إيجابية تعفيهم من تكاليف مرتفعة باتت ترهق الأسر المغربية
ومن جهة أخرى تساءلت فئات أخرى عن مدى قانونية المخالفة لمن يرغبون في ذبح الأضحية بصفة فردية، لا سيما بعد تأكيد الملك محمد السادس في رسالته أن الأضحية ستذبح نيابة عن الشعب.
ونذكر أنه لم يكن هذا القرار الأول من نوعه، إذ سبق للمغرب أن اتخذ قرارات مماثلة في أعوام 1963، 1981، 1996، حيث جاءت جميعها في سياقات بيئية واقتصادية خاصة، من بينها موجات الجفاف والأزمات الاقتصادية التي أثرت على القدرة الشرائية للمواطنين.
وقال الأستاذ البوكلي أحمد، أستاذ باحث في الفكر الإسلامي وحوار الحضارات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة محمد الخامس، في تصريحه لجريدة “المغرب”، إن القرار الملكي بشأن عيد الأضحى لا يهدف إلى إلغاء شعيرة العيد، وإنما تعليق عملية نحر الأضاحي لهذه السنة، وذلك استنادا إلى الوظيفة الروحية لإمارة المؤمنين التي تقوم على حماية الدين ومراعاة أحوال الناس وفق مقاصد الإسلام.
وأوضح الأستاذ البوكلي أن رسالة الإسلام تقوم على التيسير والمحبة والاعتدال والوسطية، وهو ما أخذ مولانا أمير المؤمنين بعين الاعتبار عند اتخاذ هذا القرار، إذ راعى الظروف المناخية الصعبة التي يمر بها المغرب، إضافةً إلى الغلاء الكبير الذي شهده سوق الأضاحي خلال السنة الماضية.
ومن منطلق حكمته، دعا جلالة الملك الأمة المغربية إلى عدم نحر الأضاحي هذه السنة، وذلك لعدة اعتبارات أساسية: الحفاظ على الثروة الحيوانية، خصوصا قطيع الأغنام، الذي تأثر سلبًا بسبب التحولات المناخية وقلة الموارد الطبيعية، ومراعاة الوضع الاقتصادي للمواطنين، حيث أن ارتفاع تكاليف المعيشة يجعل شراء الأضحية عبئا كبيرا،
خاصة على الطبقات الضعيفة التي تواجه تحديات معيشية عديدة، وتحقيق مقاصد العيد، وحسب المنظور الشرعي والديني والإيماني، بحيث تبقى علاقة المغاربة بالعيد روحانية، قائمة على العبادة والذكر والفرح، دون أن يتحول الأمر إلى ضغوط مالية أو اجتماعية.
وأشار البوكلي إلى أن الرسالة الملكية التي تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية استندت إلى قاعدة شرعية أصيلة، حيث يقول الله تعالى: “وما جعل عليكم في الدين من حرج”. فالنحر سنة نبوية مؤكدة، لكنها مشروطة بالاستطاعة، والواقع الاقتصادي اليوم يجعل شراء أضحية العيد بتكلفة تتجاوز 5000 درهم أمرًا مرهقًا لكثير من العائلات، مما قد يؤثر سلبًا على أوضاعهم النفسية والمعيشية، وهو ما يخالف مقاصد الشريعة التي تهدف إلى رفع الحرج عن الناس.
كما أن قطاع الماشية تعرض لتحديات كبيرة بسبب موجات الجفاف وارتفاع أسعار الأعلاف، مما استوجب اتخاذ تدابير تحافظ على الثروة الحيوانية وتقلل من تبعات الأزمة البيئية والاقتصادية التي يواجهها المربون والفلاحون. لذا، جاءت الحكمة الملكية لتوجه المغاربة نحو قرار تعليق النحر هذا العام، باعتباره قرارًا استراتيجيًا يخدم المصلحة العامة من الناحية الدينية، والاقتصادية، والبيئية.
وأضاف الأستاذ البوكلي أن المغاربة استقبلوا القرار الملكي بارتياح كبير، تعبيرا عن وعيهم العميق بروح التيسير في الإسلام، وكما أن الله سبحانه وتعالى ربط الحج بالاستطاعة، فإن الأضحية كذلك سنة مرتبطة بالقدرة المالية، ما يجعل هذا القرار متسقا مع مقاصد السنة النبوية التي تراعي أحوال الناس.
ومن جهة أخرى، نقلت مصادر متطابقة، أنه من الجانب القانوني، لا يوجد أي نص صريح يجرم ذبح الأضاحي بشكل فردي، وفقا لما أوضحه المحامي خالد الدان، عضو هيئة الدار البيضاء، الذي أكد أن العقوبات الجنائية لا تُفرض إلا بوجود نص قانوني واضح، مستندًا إلى مبدأ “لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص”.
و بحسب المصدر ذاته، أضاف الدان أن القرار الملكي يأتي في إطار توجيه السياسات العامة للدولة، دون أن يُرتّب جزاءات قانونية ضد المخالفين، مشددا على أن القوانين تفسر بشكل ضيّق ولا يمكن التوسع فيها لفرض عقوبات غير منصوص عليها.